أعتقد أن الإنسان العربي من وجهة نظري في هذا الزمن يتحرك في مجال ضيق .. ومعناه أننا نستخد م عقولنا استخداماً تافهاً ومحدوداً .. ومعناه أننا نشغل قلوبنا في أمور تافهة .. تماماً كالذي يجلس على شاطئ النهر ثم يشرب في معلقة أطفال .. أو كالذي ينام في الهواء الطلق ثم يغطي أنفه بورقة ويجعل الهواء ينفذ من ثقب ضيق .. فما معنى هذا ؟ معناه أننا نعيش كأننا مرضى .. كأننا نيام .. فكيف نقضي حياتنا كلها وكأننا نيام ؟ لماذا لا نعب الماء .. ولماذا لا نفتح صدورنا للهواء .. ولماذا لا نحطم قشرة الوعي . ولماذا لا ننسف الغطاء الكثيف على القلب ؟ الجواب : يجب أن نلقى بأنفسنا في النهر .. يجب أن نفتح صدورنا للهواء .. يجب أن نعرض عقولنا للعلم .. يجب أن نسلم قلوبنا للحب .
وقبل أن تمشي عزيزي القارئ وراء إجاباتي عن هذه التساؤلات وثرثرتي . فابن العزيز واحد منكم ومثلكم .. وأقل تفكير منكم .. لا تزعلون .. فقد كنت أبحث عن شئ .. وفي الحقيقة لم أجده .. وأخيراً وجدت في skype أقول ما أريد ، واكتب ما أريد !! لنعود لموضوعنا فقبل الإجابة عن تلك التساؤلات أطلب من القارئ الكريم إلى النظر إلى حياته هو في أي يوم . ثم يمسك قلماً وورقة ويكتب بالضبط ما الذي فعله أمس .. فسوف يجد أن حركاته محدودة .. والأفكار التي خطرت له قليلة .. والانفعالات التي هزنه تافهة . تماماً كالذي أحرق بيتاً كاملاً ليشعل من نيرانه سيجارته !! كل هذه النيران من أجل سيجارة .. كل هذه الحيوية كل هذه القوة من أجل أن يمشي في شارع لايرى معالمه ، ثم يركب سيارته واحداً ضمن ألآف السيارات ، ثم يذهب إلى مكتبه واحداً ضمن عشرة أو أكثر مللت وجوههم وأصواتهم والحياة معهم ، ثم يمضي بقية نهاره في نفس الملل .. ثم ينام بعد أن أنتهى يوماً من عمره .. وسوف تمضي بقية الأيام هاكذا .. تعرفون لماذا ؟ لأننا لا نعرف أن هناك كنزاً تحت جلودنا .. هناك ينابيع .. مناجم .. ولكن الذي نستخدمه منها هو هذا الشئ التافه البليد الكسول في هذا الزمن . والدليل على ذلك أن الجميع لديهم مشاكل داخل بيوتهم وخارجها .. وخارج الحدود من عشرات السنين !! وجميع الحلول غير صائبة ، والسبب أننا نظر للأشياء في حدود أقدامنا !!.. وليس هذا عجز عند الإنسان !!.. والدليل على ذلك أيضا : لو أن كل واحد منا تذكر أنه حدث له في يوم (ما ) موقف أو مواقف صعبة أو مشاكل معقداً ، ثم أستطاع أن يتغلب عليها ببراعة .. فمن الطبيعي أن يقول الواحد منا لنفسه بعد ذلك : لم أكن أتصور أنني أملك هذه المقدرة .. أو هذه الطاقة أو هذا الذكاء .
هذه العبارة صحيحة لأن الإنسان لا يدري مقدرته هذه ، إلا في المواقف الصعبة ، عندما يشعر أنه كل مهدد ، وأنه في حاجة إلى استدعاء قواته الإحتياطية التي ذهبت إلى نجدته .. إلى انقاذه إلى تأكيد قدرته .
كيف نتعلم هذا الشئ ؟
هو أن يجلس الواحد منا هادئاً كل يوم نصف ساعة ، ويغمض عينيه .. ويصمت .. ويركز انتباهه إلى أعماقه .. إلى أي معنى .. أي شئ .. أية صورة .. هذا هو الطريق الذي يحرك القوى الكامنة في داخل الإنسان عن طريق التركيز والأستمرار والتعود على ذلك .. بشرط أن يكون عبر بوابة الصدق والرحمة والحب .. فالصدق والرحمة والحب لو عرف الناس ما الذي يتحقق منهم للبشرية لجعلوها طعامهم وشرابهم وكساءهم .. لكن إنسان اليوم ...!! .
لهذا كم أتمنى .. ومن القلب .. أن يكون هناك معاهد في عالمنا العربي يكون هدفها هو تنسيق القوى الداخلية أو الإنسجام المعنوي للإنسان .